القانون الدولي الإنساني مجموعة من القيم والمبادئ الأخلاقية الداعية للحل السلمي للمشكلات بين البُلدان
لم ينشأ القانون الدولي الإنساني من فراغ، بل هو إفراز لمجموعة من القيم والمبادئ الأخلاقية التي تدعو -في الإطار العام- إلى نبذ الحروب بين الدول والشعوب، والرجوع إلى الحل السلمي للمشكلات التي تنشأ بين الدول، وإذا ما وقعت الحرب فإنَّ ثمة اعتبارات ذات طابع إنساني يجب إعمالها.
ويهدف هذا القانون إلى تحقيق مبادئ عدة؛ قسم منها يتعلق بتنظيم الأعمال الحربية بهدف تخفيف ويلاتها، وقسم آخر يتعلق بحماية ضحايا الحرب، ويدخل القسم الأول من هذه المبادئ في إطار قانون لاهاي، أما القسم الثاني فيدخل في نطاق قانون جنيف.
وبات المجتمع الدولي المعاصر في ظل ميثاق الأمم المتحدة يقوم على مبدأ أساسي هو تحريم استخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات الدولية، إذ إن الواقع الدولي يكشف عن تزايد المنازعات المسلحة في أرجاء متعددة من العالم، وهذا يتطلّب العمل على تطوير قواعد القانون الدولي الإنساني الذي يحكم تلك المنازعات وبذل الجهود من أجل كفالة أكبر قدر من الاحترام للمبادئ الإنسانية فيها.
وبرزت الحاجة إلى ضرورة تطوير مبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني بعد أن ازداد توجه الإنسان نحو القتل والتدمير وابتداع وسائل للقتال أشد دموية، وهذه المبادئ تمثل أبسط الأسس الإنسانية التي تطبق في كل زمان ومكان وتحت جميع الظروف، وهي صالحة للدول غير المنضمة لتلك الاتفاقيات، ورغم أنها تستند في بعض الأحيان إلى قانون مكتوب، فإن جذورها ممتدة إلى أعراف الشعوب وأخلاقها التي تحرص كل الحرص على مراعاتها.
والمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني لا يجوز الخروج عنها؛ لكونها تشكل جزءًا من القانون الدولي العرفي، لذا من المؤكد أن هذه القواعد تنتمي إلى مجموعة القواعد الأساسية التي لا غنى للمجتمع الدولي كله عنها، ثم إنّ الامتثال لها أمر ضروري من أجل قيام علاقات سليمة بين الدول.
ويمكن أن تكون لمحكمة العدل الدولية القدرة على إبراز خصائص القانون الدولي الإنساني في المنازعات التي تعرض عليها؛ إذ كشفت المحكمة في العديد من أحكامها وآرائها الاستشارية عن وجود مصلحة للمجتمع الدولي برمته في احترام قواعد القانون الدولي الإنساني، وأن للدول جميعًا مصلحة عامة في تطوير قواعد هذا القانون الذي يفرض التزامات مشتركة وشاملة تكون في تنفيذها مصالح مشروعة لجميع الدول باسم المجتمع الدولي، فهناك مسؤولية دولية تترتب على كل دولة تخل بالتزاماتها الدولية، ولقد جعل الطابع المميز لهذا القانون والقيم السامية التي يدافع عنها من الاتفاقيات الإنسانية تفقد إلى حد كبير صور المعاهدات المتبادلة في إطار العلاقات بين الدول؛ إذ أصبحت تشمل التزامات مطلقة تجعل من المسؤولية عن مخالفتها تطول حتى الدول غير الأطراف فيها.
وفي الإطار ذاته، تؤدي محكمة العدل الدولية دورًا بارزًا في تطوير مبادئ القانون الدولي الإنساني باعتبارها الجهاز القضائي الرئيس لمنظمة الأمم المتحدة؛ إذ لا يوجد عائق قانوني لرفع قضايا انتهاكات القانون الدولي الإنساني أمامها، فقد قامت محكمة العدل الدولية بالتعرض للعديد من مبادئ القانون الدولي الإنساني، سواء في أحكامها أو آرائها الاستشارية خاصة في ظل نص الكثير من الاتفاقيات الإنسانية التي تعدها أو تتبناها الأمم المتحدة، على اختصاص محكمة العدل الدولية بالنظر في المنازعات الناتجة عن تطبيقها أو تفسيرها.
وتسعى المحكمة إلى تعزيز وتوسيع مجال حماية الأشخاص والأهداف، فضلًا عن تحسين فرص الحماية النسبية، وبدلًا من قصر الحماية على حالات محددة «الجرحى والمرضى والأسرى» أصبحت النصوص واضحة في دلالتها على إضفاء الحماية على نطاق واسع يشمل السكان المدنيين بلا تفرقة، وتعد هذه خطوة كبيرة إلى الأمام، بل هي إنجاز ضخم في تطوير القانون الدولي الإنساني.
وهناك مبادئ مشتركة بين القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان؛ إذ إن حقوق الإنسان تمثل المبادئ العامة بدرجة أكبر بينما يكتسي القانون الدولي الإنساني طابعًا خاصًّا واستثنائيًّا، فهو لا يدخل مجال التطبيق إلا في اللحظة المحددة التي تبدأ فيها الحرب، فتحول دون ممارسة حقوق الإنسان أو تقيد هذه الممارسة.
** مصادر المعلومات للتقرير من المواقع التالية:
*https://www.icrc.org/ar/doc/resources/documents/misc/62cffp.htm
*https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86_%D8%A7%D9%84%D